الأكاديمية العالمية لاستقامة الأداء القرآني والنبر في القرآن الكريم

مرحبا بك في منتدى الأستاذ الدكتور وليد مقبل الديب

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الأكاديمية العالمية لاستقامة الأداء القرآني والنبر في القرآن الكريم

مرحبا بك في منتدى الأستاذ الدكتور وليد مقبل الديب

الأكاديمية العالمية لاستقامة الأداء القرآني والنبر في القرآن الكريم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اهلا بك يا زائر في الأكاديمية العالمية لاستقامة الأداء القرآني والنبر في القرآن الكريم


    من قضايا النبر في العربية ** ( للدكتور وليد مقبل الديب )

    انتصار
    انتصار


    عدد المساهمات : 1711
    نقاط : 3401
    تاريخ التسجيل : 20/03/2013
    الموقع : https://www.facebook.com/groups/anaber/

    من قضايا النبر في العربية ** (  للدكتور وليد مقبل الديب ) Empty من قضايا النبر في العربية ** ( للدكتور وليد مقبل الديب )

    مُساهمة من طرف انتصار الخميس مارس 28, 2013 7:28 am

    من قضايا النبر في العربية**


    (مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)



    مقدمة:

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    وبعد، فإنَّ قضيَّة النبر من القضايا الشَّائكة التي اختلف حولها الباحثون اختلافًا بيِّنًا، فمِنْهم من يعترف بوجود النبر في اللغة العربية ويقرُّ بتأثيره في مستوياتها[1]، ومنهم من ينكر تأثيره[2]، ومنهم من يحدُّ من تأثيره، فيقصره على بعض مستويات اللغة فقط[3].

    وقد وفَّقني الله - في بحثي للماجستير - إلى استنباط صيغ هادية لمواضع النبر في الكلام، وأثبتُّ من خلالِها دور النبر في اللغة العربية، وتأثيره في مستوياتها إيجابًا وسلبًا عن طريق دراسة الآثار الصرفية والنحوية والدلالية للأداء النطقي للقرآن الكريم، فقارنتُ بين الأداء القرآني المستقيم بوضع النبر في موضعه، والأداء غير المستقيم بوضع النبر في غير موضعه، مبرزًا الآثار الصرفيَّة والنحويَّة والدلاليَّة لكل أداء.

    وهناك قضيَّة أخرى تتَّصل بالنبر في اللغة العربية، وتختلف عن القضايا التي اهتمَّ بها هذا البحث سالف الذِّكر، وهي قضية ما يسمى "نبر الشعر"، فقد أُثير حولها اختلاف بين الدارسين نجم عنه كثيرٌ من التساؤلات، التي تأتي قضايا متفرِّعة عن القضية الأساسية.

    وقبل عرض هذه القضية وما تفرَّع عنها من قضايا، أودُّ أن أعرِّف بصيغة واحدة من صيغ "الميزان النبري"، التي استنبطها بحث الماجستير الذي أشرتُ إليه؛ لأنَّ تلك الصيغ بمثابة أدوات تكشف مواضع الضغط ومواضع عدم الضغط في الكلام[4].

    وقد رمزت للحرف المنبور في الصيغ المقترحة بـ"=" شرطتين تحت الحرف؛ كالتنوين في حالة الجر، والحرف الذي تخلو حركته من هذا الضَّغط الملحوظ رمزتُ له بـ"-" شرطة واحدة تحت الحرف كالكسرة، وقد جاءت هذه الرموز مرتبِطة بالصيغ المقترحة، أي: بـ"الميزان النبري" لا بالكلِمات المراد وزنها نبريًّا، حتى لا يحدث لبس بين الكسر أو التنوين المرتبط بالموقع الإعرابي للكلِمة وبين رموز الضغط وعدمه.

    وإليك إحدى هذه الصيغ:
    - صيغة "فَعِل" وطرق أدائها[5]:
    هي صيغة بالنسبة للشكل، وصيغتان بالنسبة للنطق، فالصيغتان تتحكمان في هذا التتابع " - - ه": حركة فحركة فسكون؛ أي: في الوتِد المجموع بلغة العروضيِّين، ويخص الأولى منهما (صيغة عدم الضغط) هذا التتابع "- -" حركتان، ويخص الأخيرة منهما (صيغة الضغط) هذا التتابع "- - ه ه"[6]: حركتان فساكنان في حالة ما إذا كان الحرف الأخير مشدَّدًا، أو توالى ساكنان في آخر الكلِمة.

    فصيغة "فِعِل" تنطق بعدم الضغط على الحركتين مثل "أجدْ، وهبْ" فعل ماض، وصيغة "فِعِل" تنطق بالضغط على الحركتين، مثل "أجدّ، وهبْ": الواو + هب - فعل أمر - ويلاحظ أن الضَّغط على "عل" يكون أقوى[7].

    ويستطيع الناطق أن يفرق بين الصيغتين بسهولة، إذا قارن بين أداء كل منهما، والصَّوت الذي نسمعه وندركه جميعًا للقطار المسرع نتيجةً لالتحام عجلاته بالقضبان، فيوجد نغمتان تنتجان عن هذا الالتحام، يمكن أن أعبر عنهما بـ"تِتِك""تٍتٍك"، فهذه النغمة هي نفسها المفرقة بين "فِعِل" و"فٍعٍل".

    وهناك أثران مباشران للنَّبر يتمثلان في:
    1- إطالة الحركة القصيرة.
    2- تشديد الحرف المخفف.

    والعكس صحيح، فهناك أثران مباشِران لعدم النَّبر، يتمثلان في:
    1- تقصير الحركة الطويلة.
    2- تخفيف الحرف المشدَّد[8].

    نعود إلى قضيَّة ما يُسمَّى "نبر الشعر"، وقد أُثير حولها اختلاف بين الدَّارسين نتج عنه كثيرٌ من التَّساؤلات التي تأتي قضايا متفرِّعة عن القضيَّة الأساسيَّة، وهذه التَّساؤلات هي:
    1- هل يوجد ما يسمَّى نبر الشعر؟[9]
    2- هل يقوم الشعر العربي على أساس كمِّي، أم يقوم على أساس نبري، أم يعتمد على الكم والنبر؟[10]
    3- هل يوجد فرق بين قواعد النبر اللغوي وقواعد النبر الشعري؟[11]
    4- هل يلتزم النبر موضِعًا واحدًا في كلِّ تفعيلةٍ من تفعيلات البحور، أو يَمتلك حرِّيَّة بحيث يقع في مواضع متعددة؟[12]
    5- وهو تساؤل متفرِّع عن التَّساؤلات السَّابقة: إذا كان ما يسمَّى "نبر الشعر"، فما قواعده؟
    6- هل للنَّبر دور في تفسير ظاهرتي الزِّحَاف والعلَّة؟[13] وهل هناك دلائل مادِّيَّة صرفيَّة ونحويَّة تثبت هذا الدَّور - إن وُجد - أو تنفيه إن لم يوجد؟
    7- هل يوجد قرائن مادِّيَّة صرفيَّة ونحويَّة ودلاليَّة تؤكد وجود النبر في موضع ما، أو تنفي وجوده في موضع آخر؟[14]

    وأكثر هذه القضايا - إن لم يكن كلها - قد اختلف حولها الدَّارسون، وأهم ما يلفت النظر في هذه القضايا أنَّ الذين تصدَّوا لوضع قواعد لمواضع النَّبر الشعري لم يتَّفق أحدُهم مع الآخر اتِّفاقًا تامًّا على الأقل، كما لم يستنِد أحدهم عند وضع قوانينه إلى دلائل مادِّيَّة واضحة تؤيِّد قوانينه، والدَّلائل المادية - من وجهة نظري - تتمثَّل في المعطيات العروضية والمعجمية والصرفية والنحوية، التي قد تدعم وجهة نظرٍ ما في وضع النَّبر على حركة معيَّنة، كما قد تدحض وجهة نظر أخرى في وضع النبر على موضعٍ آخَر.

    معنى هذا أنَّ العروض والمعجم والصَّرف والنَّحو يُعد كلٌّ منها بمثابة الحاكِم العادل، الذي يؤكد وجود نبرٍ في موضع ما، أو ينفي ذلك عندما يرى أنَّ وجود النبر في هذا الموضع يؤدِّي إلى التباس، أو إخلال بفصاحة أداء الكلام.

    فأكثر الدارسين لنبر الشِّعْر المتصدِّين لوضع قوانين لذلك النبر وَضَع النبر في موضوع معين في كل تفعيلة[15]، أو على أحد المكونات الأساسية للتفعيلات، ودفعهم هذا في كثير من الأحْيان إلى غضِّ النظر عن اللغة الواقعة في إطار التفعيلات، مع إغْفالهم للمعْطيات الصرفيَّة والنحويَّة التي قد تحسم القضية بوجود النَّبر على موضعٍ ما، وعدم وجودِه على موضعٍ آخر.

    فـ "لا يُمكن اعتِبار التَّفعيلات التي تقوم على أُسُس مِن توالي مقاطع لها كمٌّ محدَّد - أساسًا لنضع عليْه قواعد النَّبر؛ لأنَّ هذه التَّفعيلات لا تسلم من التَّغيُّرات الكمِّيَّة التي أباحها الخليل (مثل الزحافات والعلل)، والتي لم يُبِحْها (مثل اجتماع الزِّحافات في مواضعَ غير جائزة عند العروضيِّين)، وهذه التغيُّرات الكمِّيَّة تؤثر بالضَّرورة على مواضع النبر[16].

    وجهة نظر:
    وإليك إحدى وجهات النَّظر التي تضع النَّبر على جزء معين من كل تفعيلة، أو على مكون أساسي من مكونات الوزْن العروضي، وسيحتكم البحث إلى النَّماذج التطبيقيَّة من الشِّعْر العربي، وإلى المعْطيات الصرفيَّة والنَّحويَّة لإثْبات وجْهة النَّظر أو نفْيِها.

    يرى "فايل" أنَّ الوتِد المجموع هو حامل النبر[17]؛ لأنَّه يكوِّن اللبَّ الإيقاعيَّ للوزْن[18].

    نعم، يلعب الوتِد دورًا رئيسًا في تفعيلات الشعر؛ حيثُ لا تخلو منه تفعيلة صحيحة، ولكن هل يعني هذا أنَّ الوتِد هو دائمًا حامل النبر؟

    الواقع الشعْري ينفي هذا بشدَّة، مستندًا إلى معطيات الوزن العروضي والصَّرف والنَّحو والدّلالة، وإليك بعضَ النماذج التي تؤكِّد هذا:

    يقول عمر بن أبي ربيعة في مطلع قصيدتِه:
    لَيْتَ هِنْدًا أَنْجَزَتْنَا مَا تَعِدْ وَشَفَتْ أَنْفُسَنَا مِمَّا نَجِدْ[19]

    فالبيت من الرَّمَل التَّام: العروض محذوفة والضَّرب كذلك.
    عروضه: ما تعد وضربه: ما نجد
    فاعلن فاعلن

    والنطق السليم للوتِد المجموع "تعد" و"نجدْ" يكون بعدَم الضَّغط على حركة التاء وحركة العين من "تعد"، وعدم الضَّغط على حركة النُّون وحركة الجيم من "نجد"، فتنطقان كصيغة "فِعِل"، ويُحتكم في ذلك إلى:
    1- المستوى العروضي: حيثُ يقضي بأنَّ "تعد" و"نجد" كل منهما يساوي وتدًا مجموعًا "- - ه"، ويُكونان مع "ما" عروض البيت وضربه "فاعلن"، فهما محذوفان.
    2- على المستوى المعجمي: "تعد" يُكشف عنه في مادة: "و ع د"، و"نجد" يُكشف عنه في مادة: "و ج د".
    3- المستوى الصرفي: "تعد": فعل ثلاثي مجرَّد، معتل مثال، محذوف الفاء في المضارع مكسور العين ووزنه "تعِل"، وكذلك "نجد": ووزنه "نعِل".
    4- على المستوى النحوي: تعد: فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هي" يعود على "هند" وقد حُذف مفعولا "تعد"، والتقدير "ما تعدناه، أو تعدنا إيَّاه"، والضمير المنفصل هو العائد على اسم الموصول "ما"، و"نجد" فعل مضارع مرفوع[20]، والفاعل ضمير مستتر تقديره "نحن".
    5- على المستوى الدلالي: يتمنَّى الشاعر لو تَفِي محبوبتُه هند بما وعدتْه به؛ حتى تَشفِيَ نفسَه مما تعاني من لوعة انتِظار الوفاء بالعهد.

    هكذا نجد المعطيات العروضيَّة والصرفية والنحويَّة تؤكِّد أنَّ النُّطق المستقيم للوتِد هنا يكون بعدم الضَّغط على حركتيْه.

    أمَّا إذا حكَّمنا قواعد فايل فسينطق البيت هكذا:
    لَيْتَ هندًا أَنْجَزتَنْا مَا تَعِدّ وَشَفَتْ أَنْفُسَنَا مِمَّا نَجِدّ

    بالضَّغط على حركة التَّاء وحركة العين من "تعد"، وحركة النون وحركة الجيم من "نجد"، كصيغة "فٍعٍل"[21]، وهذا يؤدِّي إلى إخْلال وفساد يشمل جميع المستويات كالتَّالي:
    1- على المستوى العروضي: وزن كلٍّ من "تعدّ" و"نجدّ" "- - خ خ"، ويُكوِّنان مع "ما" "فاعلان"، فكأنَّ التفعيلة أصابَها "القصر"، وهو حذف ساكن السبب الخفيف وإسكان متحركه.
    2- على المستوى المعجمي: "تعِدّ": لا وجود له في المعاجم؛ لأن الموجود في المعاجم العربية: "عدَّ يعُدّ"، و"نجد" يُكشف عنه في مادة "ج د د".
    3- على المستوى الصرفي: "تعِدّ": فعل ثلاثي، صحيح مضعف، على وزن "تفعِل" "نجدّ" فعل ثلاثي، صحيح مضعف، على وزن "نفعِل".
    4- على المستوى النحوي: "تعدّ" فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هي"، والمفعول به محذوف والتقدير "تعده"[22]، و"نجدّ" فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره "نحن"، وهناك حذف للجار والمجرور المتعلقان بـ"نجد" والتقدير "نجدُّ فيه" والهاء عائد على اسم الموصول.
    5- على المستوى الدلالي: فسد معنى البيت، فكأنَّ الشاعر يتمنى لو وفّت هند بما تقوم بِعَدِّه، وبرئت نفسه من الاجتهاد والجِدِّ.

    هكذا نجد المعطيات العروضية والمعجمية، والصرفية والنحوية، والدلالية - تنفي وجهة نظر "فايل" أنَّ الوتد المجموع هو حامل النبر دائمًا، فاتِّباع رأي فايل هنا يؤدي إلى:
    1- التباس العروض والضرب المحذوفين بالعروض والضرب المقصورين.
    2- التباس مادة "وعد" بمادة "عدد", ومادة "وجد" بمادة "جدد".
    3- التباس الفعل المثال بالفعل المضعف، حيث يلتبس "تعد" بـ"تعدّ", و"نجد" بـ"نجدّ".
    4- التباس الفعل المتعدي لمفعولين بالفعل المتعدي لمفعول واحد.
    5- الالتباس في تقدير المحذوف.
    6- التباس المعنى.

    يقول المتنبي:
    وَأَنِّي وَفَيْتُ وأَنِّي أَبَيْتُ وأَنِّي عَتَوْتُ عَلَى مَنْ عَتَا[23]

    فالبيت من المتقارب، وعروضُه "أبيتُ" "فعولُ"، وهي صحيحة؛ لأنَّ حذف الخامس الساكن في عروض المتقارب غير لازم، وضربُه "عتا" "فعو" محذوف، وبناءً على رأْي "فايل" ينبغي أن يُنبَر الوتِد المجموع: "عتا" كصيغة "فٍعٍل"، والأداءُ المستقيم للفِعْل "عتا" يقضي بعدم نبر الحركتين، فينطق كصيغة "فِعِل"، ويؤكِّد هذا المعطيات العروضيَّة والصرفيَّة والنحويَّة والدلاليَّة كالتَّالي:
    1- على المستوى العروضي: "عتا": يتكوَّن من وتد مجموع "- - ه"، فالضَّرب محذوف.
    2- على المستوى الصرفي: "عتا": فعل ثلاثي مجرد، معتل ناقص، على وزن "فعَل"، وهو فعل لازم - لم تتدخل وسيلة صرفيَّة لتعْديته - أو متعدٍّ بواسطة حرف الجر.
    3- على المستوى النحوي: "عتا": فعل ماض مبني على الفتح المقدَّر منع من ظهوره التعذُّر، والفاعل ضمير مستتِر تقديره "هو" يعود على اسم الموصول "مَن"، وهناك جار ومجرور محذوف والتقدير "عتا عليّ".
    4- على المستوى الدلالي: هذا البيت من قصيدة يهجو فيها المتنبي "كافورًا"، فيصف المتنبي نفسه بالوفاء والإباء، وأنَّه يستكبر على من يتكبَّر.

    أما إذا نُبر "عتا" كصيغة "فٍعٍل" فإنَّ هذا يؤدي إلى فساد؛ لأنَّ الضغط على حركة العين وحركة التاء يوهم وجود هاء، فتنطق كأنَّها "عتاه"، خاصَّة أنَّ الهاء حرف ضعيف من حيث المخرج والصفات، فهو يخرج من أقصى الحلْق، ويحصل على جميع الصفات الضعيفة من همس، ورخاوة، واستفال، وانفتاح، بالإضافة إلى صفة الخفاء التي تعني خفاء صوت الحرف، وقد سُميت الهاء بذلك؛ "لأنها تخفي في اللفظ إذا اندرجت بعد حرف قبلها"[24].

    لذا فالضَّغط على حركة العين وحركة التَّاء من "عتا" يوهم بوجود الهاء أدائيًّا، وهذا يؤدي إلى فسادٍ كالتَّالي:
    1- على المستوى العروضي: بهذا الأداء يصبح وزن "عتاه" "فعولْ"، فيتوهَّم كون الضرب مقصورًا.
    2- على المستوى الصرفي: "عتا": فعل ثلاثي مجرَّد، معتلّ ناقص، على وزن "فعَل"، وقد تعدى بنفسه دون تدخل وسيلة صرفية مؤدية إلى ذلك.
    3- على المستوى النحوي: "عتا": فعل ماض مبني على الفتح المقدر منع من ظهوره التعذُّر، والفاعل: ضمير مستتِر تقديره "هو"، و"الهاء": ضمير مبني في محلِّ نصب على المفعوليَّة.
    4- على المستوى الدلالي: أصبح المعنى أنَّ المتنبيَّ يستكْبِر على مَن يتكبَّر على مجهول، فالضمير الغائب هنا لا يُعرف العائد عليه.

    هكذا نجد المعطيات العروضيَّة والصرفيَّة والنحويَّة والدلاليَّة تنفي وجهة نظر "فايل" بأنَّ الوتد هو حامل النبر دائمًا، حيث أثبتتْ هذه المعطيات أنَّ تحمُّل الوتِد للنَّبر هنا يؤدِّي إلى:
    1- التِباس الضَّرب المحذوف بالضَّرب المقصور.
    2- التباس الفعل اللازم أو المتعدِّي بواسطة حرف الجر بالفعل المتعدِّي بنفسه.
    3- التباس عدم وجود مفعول بوجود مفعول.
    4- التِباس وجود حذف بعدَم وجوده، حيثُ التبس وجود حذْف الجار والمجرور الذي تقديره "عتا عليَّ" بعدم وجود حذف.
    5- التباس المعنى.
    يقول المتنبي:
    وَمَا كُلُّ مَنْ قَالَ قَوْلاً وَفَى وَلا كُلُّ مَنْ سِيمَ خَسْفًا أَبَى[25]

    وهو البيت التالي للبيت السابق، والعروض "وَفَى" "فعو"، وهي صحيحة؛ لأن الحذف غير لازم في عروض المتقارب[26].
    وحق الفعل "وَفَى" عدم الضَّغط على حركة الواو وحركة الفاء كصيغة "فِعِل"، وهذا يؤكده المعطيات المعجمية والصرفية والنحوية والدلالية كالتالي:
    1- على المستوى المعجمي: يُكشف عن "وفى" في مادة "و ف ي".
    2- على المستوى الصرفي: "وفى": فعل ثلاثي مجرَّد، لفيف مفروق، على وزن "فَعَل".
    3- على المستوى النحوي: "وَفَى": فعل ماض مبني على الفتح المقدر منع من ظهوره التعذُّر، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو".
    4- على المستوى الدلالي: ينفي المتنبِّي أن يكون كلُّ من عَهِدَ عهدًا وفَى بعهده.

    أمَّا نطق الكلمة بالضَّغط على حركة الواو وحركة الفاء كصيغة "فٍعٍل" فإنَّه يحولها إلى "و + فا"، وينتج عن ذلك فساد كالتالي:
    1- على المستوى المعجمي: "الواو": حرف عطف وله معانٍ عدة، و"فا": قد يكون مقصور "فاء": الحرف المعروف.
    2- على المستوى الصرفي: "الواو": حرف مبني لا يدخل في إطار الدَّرس الصرفي، و"فا": اسم ممدود قد قُصِر عن المد، وأصله "فاء".
    3- على المستوى النحوي: "الواو": حرف عطف مبني على الفتح لا محلَّ له من الإعراب، و"فا" معطوف منصوب.
    4- على المستوى الدلالي: فسد المعنى: إذ لم تتمَّ الفائدة، ولم يُخبر عن الَّذي قال قولاً وقال "فا"، فهناك اضطِراب في البناء النحْوي بالإضافة إلى الفساد الدلالي.

    فالمعطيات المعجميَّة والصرفيَّة والنحويَّة والدلاليَّة هنا تنْفِي وجود نبْرٍ على الوتِد المجموع؛ لأنَّ تحمل الوتد المجموع "وفى" للنبر هنا يؤدِّي إلى:
    1- التباس مادة معجمية أخرى.
    2- التباس ما يدخل في إطار الدَّرس الصرفي بما لا يدخل.
    3- التباس الفعل بحرْفٍ واسم.
    4- فساد المعنى والتباسه.
    ويقول المتنبي في القصيدة نفسها:
    وَكَانَ عَلَى قُرْبِنَا بَيْنَنَا مَهَامِهُ مِنْ جَهْلِهِ وَالعَمَى[27]

    الضرب "عمَى"، وهو وتد مجموع يتحمَّل النبر من وجهة نظر "فايل"، والأداء المستقيم يُحتِّم نطق "عمَى" بعدم الضَّغط على حركة العين وحركة الميم كصيغة "فِعِل"، وهذا ما تؤكده المعطيات المعجمية والصرفية والدلالية كما يلي:
    1- على المستوى المعجمي: "العمى": معناه ذهاب البصر.
    2- على المستوى الصرفي: "العمى": اسم مقصور.
    3- على المستوى الدلالي: العمى في البيت مرادف للجهل، فالجاهل لا يزداد علمًا بالشيء وإن قرب، فهو كالأعمى.

    أمَّا نطق الكلِمة بالضَّغط على حركة العين وحركة الميم كصيغة "فٍعٍل" فيؤدِّي إلى التِباسها بـ"العما" مقصور "العماء"، وهذا يؤدِّي إلى فسادٍ كالتَّالي:
    1- على المستوى المعجمي: "العما" اسم مَمدود أصالةً قد قُصِر عن المدِّ للضرورة، ومعناه السَّحاب المرتفع أو الرَّقيق[28].
    2- على المستوى الصرفي: "العما" اسم ممدود قد قُصِر عن المد للضَّرورة فأصله "العماء".
    3- على المستوى الدلالي: المعنى أنَّه حين كان قريبًا منه كان بيْنهما بُعْدٌ بسبب جهله والسَّحاب المرتفع.

    فنبر الوتِد المجموع هنا يرفضه المعجم، كما يرفضه الصَّرف، وكذلك الدلالة، لأنه يؤدي إلى:
    1- تداخل المعاني المعجمية.
    2- التباس المقصور أصالة بالممدود أصالة.
    3- فساد الدلالة.

    ومن ذلك قول المتنبي:
    وَطَوْعًا لَهُ وَابْتِهَاجًا بِهِ وَإِنْ قَصَّرَ الفِعْلُ عمَّا وَجَبْ[29]

    فالبيت من المتقارب، والضَّرب "وجب" محْذوف، والأداء المستقيم لهذا الوتِد يكون بعدم الضغط على حركة الواو وحركة الجيم كصيغة "فِعِل"، وهذا ما تؤكده المستويات التالية:
    1- على المستوى العروضي: "وجب" يساوي وتدًا مجموعًا "- - ه"، فالضرب محذوف.
    2- على المستوى المعجمي: يكشف عن "وجب" في مادة "و ج ب".
    3- على المستوى الصرفي: "وجب": فعل ثلاثي مجرد معتل مثال على وزن "فَعَل".
    4- على المستوى النحوي: "وجب": فعل ماض مبني، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو".
    5- على المستوى الدلالي: البيت من قصيدة في مدح سيف الدولة، وقد بعث كتابًا إلى المتنبي، فيقول المتنبي: أنا طوْع أمر سيف الدولة، وإن قصَّرت في الامتثال بهذا الأمر.

    أمَّا إذا نطق "وجبّ" بالضَّغط على حركة الواو وحركة الجيم، فإنَّ هذا يؤدِّي إلى فساد كالتَّالي:
    1- على المستوى العروضي: "وجبّ" يساوي "- - ه ه" "فعولْ"، فالضرب مقصور.
    2- على المستوى المعجمي: يُكشف عن الواو في بابها، ويكشف عن "جبّ" في مادة "ج ب ب".
    3- على المستوى الصرفي: الواو حرف مبنيٌّ لا يدخل في إطار الدَّرس الصَّرفي، و"جب": فعل ثلاثي مجرد، صحيح مضعف، على وزن "فعَل".
    4- على المستوى النحوي: الواو: حرف عطف مبني، و"جب" فعل ماضي مبني، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو".
    5- على المستوى الدلالي: فسدت الدلالة، فالجبّ معناه الانقطاع.

    وهكذا نجد نبر الوتِد المجموع أدَّى إلى:
    1- التباس الحذف بالقصر.
    2- تداخل المعاني المعجمية.
    3- التباس الفعل المعتل المثال بالصَّحيح المضعف.
    4- التباس عدم وجود عطف بوجوده.
    5- فساد الدلالة.

    ويقول المتنبي في القصيدة نفسها:
    تَغِيبُ الشَّوَاهِقُ فِي جَيْشِهِ وَتَبْدُو صِغَارًا إِذَا لَمْ تَغِبْ[30]

    فالأداء المستقيم للوتِد المجموع "تغب" يكون بعدم الضَّغط على حركة التاء وحركة الغين كصيغة "فِعِل"، ويؤكد هذا ما يلي:
    1- على المستوى العروضي: "تغب" "فعو"، فالضرب محذوف.
    2- على المستوى المعجمي: يُكشف عن "تغب" في مادة "غ ي ب".
    3- على المستوى الصرفي: تغب: فعل ثلاثي مجرد، معتل أجوف، محذوف العين لأجل التقاء الساكنين.
    4- على المستوى النحوي: تغب: فعل مضارع مجزوم بـ"لم" وعلامة جزمه السكون، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هي".
    5- على المستوى الدلالي: يصِف المتنبِّي جيش سيف الدولة الذي تختفي المرتفعات الشاهقة من عظمته وضخامته أو تبدو صغيرة.

    أمَّا إذا نطق الوتد المجموع "تغب" بالضَّغط على حركة التاء وحركة الغين كصيغة "فٍعٍل" فإنه يؤدِّي إلى فساد يؤكِّده ما يلي:
    1- على المستوى العروضي: "تغبّ" يساوى "فعولْ"، فالضرب مقصور.
    2- على المستوى المعجمي: يُكشف عن "تغبّ" في مادة "غ ب ب".
    3- على المستوى الصرفي: تغبّ: فعل ثلاثي مجرد، صحيح مضعف على وزن "تفعِل".
    4- على المستوى النحوي: "تغبّ": فعل مضارع مجزوم.
    5- على المستوى الدلالي: أصبح المعنى أنَّ الشواهق تختفي في جيش سيف الدولة أو تبدو صغيرة إذا لم تكن في آخره.

    فالضغط على الوتد المجموع أدَّى هنا إلى:
    1- التباس الحذف القصر.
    2- تداخل المعاني المعجمية.
    3- التباس الفعل المعتل الأجوف بالفعل الصحيح المضعف.
    4- التباس وجود إعلال بعدم وجوده.
    5- التباس المعنى.
    ويقول جميل بثينة:
    وَهَلْ أَهْبِطَنْ أَرْضًا تَظَلُّ رِيَاحُهَا لَهَا بِالثَّنَايا القَاوِيَاتِ وَئِيدُ[31]

    فالبيت من الطويل التام، والتفعيلة الثانية "مفاعيلن" يقابلها "بطن أرضًا"، فـ"بطن" وتد مجموع حقُّه عدم الضَّغط على حركة الباء وحركة الطاء كصيغة "فِعِل"، وهذا يؤكِّده ما يلي:
    1- على المستوى العروضي: "بِطَنْ" جزء من تفعيلة "مفاعلين" فهو مقابل للوتد المجموع.
    2- على المستوى الصرفي: الفعل "أهبط" متصل بنون التوكيد الخفيفة.

    أما إذا حدث ضغط على حركة الباء وحركة الطاء من "أهبطن" فستتحول إلى "أهبطنّ" بتشديد النون، وهذا يؤدي إلى فساد كالتالي:
    1- على المستوى العروضي: يؤدِّي التشديد إلى كسر الوزن.
    2- على المستوى الصرفي: "أهبط" فعل مسند لنون التوكيد الثقيلة.

    فنبر الوتد أدى هنا إلى:
    1- كسر الوزن العروضي.
    2- التباس نون التوكيد الخفيفة بنون التوكيد الثقيلة.
    ويقول جميلة بثينة:
    إِذَا فَكَّرَتْ قَالَتْ: قَدَ ادْرَكْتُ وُدَّهُ وَمَا ضَرَّنِي بُخْلِي فَكَيْفَ أَجُودُ![32]

    فالبيت من الطويل التَّام، عروضُه مقبوضة، هي "ـتُ وُدَّهُ" مفاعلن، والنطق المستقيم للوتِد المجموع "دَهُ" "- - ه" يكون بعدم الضَّغط على حركة الدَّال وحركة الهاء كصيغة "فِعِل"، وهذا ما يؤكِّده المسْتوى النَّحوي كالتَّالي:
    "ود": اسم مضاف للهاء الضَّمير المتَّصل العائد على المفرد الغائب.
    فالهاء ضمير متَّصل مبني على سكون المدِّ في محلِّ جرٍّ بالإضافة.

    أمَّا نبر الوتِد المجموع من التَّفعيلة بأن ينطق كصيغة "فٍعٍل" فإنَّه يحوِّل "وُدَّهُ" إلى "وُدَّ هو"، وهذا يؤدِّي إلى فساد على المستوى النَّحوي، حيث إنَّه "متى تَأَتَّي اتصال الضمير لم يُعدل إلى انفصاله"[33] فحدث كسر لقاعدة نحوية.
    فنبر الوتد هنا أدى (أدائيًّا) إلى:
    1- التباس الضمير المتَّصل بالضمير المنفصل.
    2- كسر لقاعدة نحويَّة.
    3- التباس البناء على الضَّمِّ بالبناء على سكون المد.

    وأحيانًا يستحقُّ الوتد نبرًا، ويؤكِّد ذلك المعطيات المعجمية والصرفية، ولكن الوزن العروضي يأبى هذا النبر ويرفضُه.

    ومن ذلك قول المتنبي:
    وَلَيْتَ شَكَاتَكَ فِي جِسْمِهِ وَلَيْتَكَ تَجْزِي بِبُغْضٍ وَحُبْ[34]

    فالضرب "وحُبْ" محذوف، والأصل: "وحبّ" فَخُفِّفَت الباء للوزن، وعلى ذلك فالنطق العروضي يكون بعدم الضَّغط على حركة الواو وحركة الحاء كصيغة "فِعِل"، مع أنَّ المعطياتِ المعجميَّةَ والصرفيَّة ترجِّح نبر الواو والحاء كصيغة "فٍعٍل".

    وهناك كثير من النماذج التي خُفِّف فيها المشدد في القافية، وأجازه علماء العروض، يقول الأخفش: "وهذا الذي لا يَجوز إطلاقُه يجوز فيه المرفوع والمنصوب والمجرور والمجزوم والخفيف والثَّقيل"[35].

    وقد يكون اللَّفظ الدَّاخل في نطاق الوتِد واحدًا، ولكن يختلف أداؤه باختلاف التوجيه النحوي، فقد يدعو إلى نبره، كما قد يُحتِّم عدَم نبره، يتَّضح ذلك من المقارنة بين أداء مثل ما في البيْتَين التَّاليَيْن:

    يقول جميل بثينة:
    وَهَلْ هَكَذَا يَلْقَى المُحِبُّونَ مِثْلَ مَا لَقيتُ بِهَا، أَمْ لَمْ يَجِدْ أَحَدٌ وَجْدِي[36]

    كما يقول في قصيدة أخرى:
    لَقَدْ فُضِّلَتْ حُسْنًا عَلَى النَّاسِ مِثْلَمَا عَلَى أَلْفِ شَهْرٍ فُضِّلَتْ لَيْلَةُ القَدْرِ[37]

    فعروض البيت الأول "نَ مِثْلَ مَا" مفاعلن، وعروض البيت الثاني "ـسِ مِثْلَمَا" مفاعلن.

    والأداء المستقيم للوتِد المجموع في البيت الأول "لَ ما" يقتضي الضَّغط على حركة اللام وحركة الميم كصيغة "فٍعٍل"، أمَّا الوتد المجموع "لَمَا" في البيت الآخر فالأداء المستقيم له يكون بعدم الضَّغط على حركة اللام وحركة الميم كصيغة "فِعِل"؛ لأنَّ "ما" مع "مثل" هنا كالكلمة الواحدة حتَّى رأى البعض أنَّ "ما" و"مثل" جُعلا اسمًا واحدًا مثل: خمسة عشر[38].

    وهناك نقد آخَر يوجَّه إلى نظرية فايل المعظِّمة من شأن الوتد على حساب السبب والفاصلة فقد يكون منهما عرضة للنبر، بل إنَّ عدم نبره قد يؤدِّي إلى فساد المعنى.

    ولنضرب مثالاً لذلك بالفاصلة الصغرى.

    يقول جميل بثينة:
    رَحَلَ الخَلِيطُ جِمَالهُمْ بِسَوَادِ وَحَدَا عَلَى إِثْرِ الحَبِيبَةِ حَادِ[39]

    فالبيت من الكامل التام، والتفعيلة الأولى في الشَّطر الثاني "وَحَدَا عَلَى" متفاعلن.

    "وحدا" فاصلة صغرى، والأداء المستقيم يقضي بالضَّغط على حركة الواو وحركة الحاء[40]؛ ليتضح استقلال الواو عن "حدا"، وهذا الأداء يؤكِّده ما يلي:
    1- المستوى المعجمي: الواو: يُكشف عنها في بابها، و "حدا": يُكشف عنه في "ح د و".
    2- على المستوى الصرفي: "الواو" حرف مبني لا يدخل في إطار الدرس الصرفي، و"حدا": فعل ثلاثي مجرد، معتل ناقص، على وزن "فعل".
    3- على المستوى النحوي: "الواو" حرف عطف مبني لا محل له من الإعراب، و"حدا": فعل ماض مبني على الفتح المقدر منع من ظهوره التعذُّر، وفاعل "حدا" هو "حاد" في آخر البيت.
    4- على المستوى الدلالي: يُخبر جميلٌ عن رحيل حبيبتِه مع قومها، وردَّدَ الحادي غناء حزينًا معبِّرًا عن الرحيل.

    أمَّا عدم الضَّغط على حركة الواو وحركة الحاء من "وَحَدَا" فإنَّه يؤدِّي إلى فساد، حيث يلتبس بالفعل "وحد" + "ألف الاثنين"، ويؤكد هذا المستويات التالية:
    1- على المستوى المعجمي: "وحد" يُكشف عنه في مادة "و ح د".
    2- على المستوى الصرفي: "وحد" فعل ثلاثي مجرَّد معتل مثال، على وزن "فَعَلَ"، و"ألف الاثنين": ضمير مبني لا يدخل في إطار الدرس الصرفي.
    3- على المستوى النحوي: "وحد": فعل ماضٍ مبني على الفتْح الظاهر، و"ألف الاثنين": ضمير مبني على سكون المدِّ في محلِّ رفع فاعل.
    4- على المستوى الدلالي: كأنَّ الشَّاعر يُخبر عن شخصين قد صار كلٌّ منهُما بِمفرده بعد رحيل الحبيبة، هذا بالإضافة إلى فساد العلاقات النحوية.

    هكذا نجد عدم نبر الفاصلة الصغرى قد أدَّى إلى:
    1- تداخل المعاني المعجمية.
    2- التباس الفعل المعتلِّ النَّاقص بالفعل المعتل المثال.
    3- التباس وجود عطف بعدم وجوده.
    4- التباس كون الفاعل اسمًا ظاهرًا بكونه ضميرًا بارزًا.
    5- التباس البناء على الفتْح المقدر بالبناء على الفتح الظاهر.
    6- التباس المعنى.

    نتيجة البحث:
    لذلك نجد من الباحثين مَن يرى أنَّ امتحان ما يقولُه فايل يُظهر أنَّه "تهويل صِرف لا أساس له من الصحَّة"[41].
    وليس معنى ما مضى أنَّ البحث يُنْكِر أهمِّيَّة الوتد، فقد ذكرْتُ قبلُ أنَّ الوتد يلعب دورًا رئيسًا في تفعيلات البحور، فهو أهم ركنٍ من أركان التَّفعيلة، وعلى الرَّغم من النَّماذج التي ذكرتها - والتي سأذْكُرها أثناء البحث - فإنَّ هناك كثيرًا من النَّماذج التي ينبر فيها الوتد كما يرى "فايل"، بل قد يؤدِّي عدم نبره إلى فسادٍ في المعنى.

    والله تعالى أعلى وأعلم، وهو حسبي ونعم الوكيل.

    ـــــــــــــــــــــــــــ
    [**] سبق نشر هذه المادة باسم كاتب آخر، مع الاعتذار عن ذلك.
    [1] يُنظَر مثلاً: "النبر في نطق العربية الفصحى في العالم العربي المعاصر"، للدكتور عبدالله ربيع محمود، دكتواره بكلية اللغة العربية - جامعة الأزهر، ص68، 69، 70، 74، و"من وظائف الصوت اللغوي"، للدكتور أحمد عبدالعزيز كشك، ط1، 1403هـ - 1983م، ص132، و"الآثار الصرفية والنحوية والدلالية للأداء النطقي للقرآن الكريم"، للباحث وليد مقبل السيد، ماجستير بكلية دار العلوم - جامعة القاهرة.
    [2] يُنظَر مثلاً: "الأصوات اللغوية"، للدكتور إبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية، ط5، 1979م.
    [3] ينظر مثلاً: "مناهج البحث في اللغة"، للدكتور تمَّام حسَّان، مكتبة الأنجلو المصرية (د ط)، 1955م، ص161، و"علم الأصوات"، لبرتيل مالمبرج، تعريب ودراسة: دكتور عبدالصبور شاهين، مكتبة الشباب (د ط)، 1984م، ص207.
    [4] لقد استنبط البحث أربع صيغ، وجميع الصيغ ستُستَخدم في معالجة الموضوع، إلا أنني لم أرد أن أثقل كاهل هذا البحث الصغير لمسابقة الألوكة بذكر جميع الصيغ، فاقتصرت على إحداهنَّ، وهذا سيدفعني إلى الاقتصار على بعض النماذج الخاصة بهذه الصيغة فقط، وسأرجئ نماذج الصيغ الأخرى إلى بحث مطوَّلٍ إن شاء الله تعالى.
    [5] تنطق بفتح الفاء وكسر العين في حالة الضغط وحالة عدمه.
    [6] هذه الصيغ تعامل حروف المد كمعاملة الوزن العروضي، فحرف المد ساكن، سواء كان ألفًا أم واوًا أم ياء، فمثلاً حرف الجر "إلى" يدخل إلى التتابع "- - ه".
    [7] خاصَّةً إذا كان موضع اللام حرفَ مدٍّ أو حرفًا مشددًا.
    [8] يحدث هذا كثيرًا، وقد يحدث غيره كأن يكتمل نطق الحركة القصيرة، عن طريق النبر، أو تختلس الحركة المكتملة عن طريق عدم النبر.
    [9] يُنظَر: "العروض وإيقاع الشعر العربي"، للدكتور سيد البحراوي، الهيئة المصرية العامة للكتاب (د ط)، 1993م، ص125.
    [10] ينظر: "موسيقى الشعر العربي"، للدكتور شكري عياد، دار المعرفة، ط1، 1968م، ص45، و"دراسات عروضية"، للدكتور علي يونس، دار غريب (د ط)، 2006م، ص111، و"العروض وإيقاع الشعر العربي"، ص20.
    [11] ينظر: "موسيقى الشعر العربي"، للدكتور إبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية، ط3، 1965م، ص164.
    [12] ينظر: "دائرة المعارف الإسلامية": مادة Aroud ، الطبعة الجديدة، ص667- 677، و"في البنية الإيقاعية للشعر العربي.. نحو بديل جذري لعروض الخليل"، للدكتور كمال أبو ديب، دار العلم للملايين – بيروت، ط2، 1981م، ص312.
    [13] يُنظَر: "الزحاف والعلة.. رؤية في التَّجريد والأصوات والإيقاع"، للدكتور أحمد عبدالعزيز كشك (د ط)، 2005م، ص233.
    [14] وهذه القضية والقضية السابقة عليْها من أهم القضايا التي أرى أن يتوفر الباحثون على دراستها؛ حيث إنَّها لم تُتناول عند جميع الباحثين الذين تصدَّوا لوضْع قوانين لنبر الشعر فيما يعلم صاحب البحث.
    [15] يُنظَر: "نظرية جديدة في العروض العربي"، لـ"م ستانسلاس جويار"، ترجمة: منجي الكعبي، مراجعة: عبدالحميد الدواخلي، الهيئة المصرية العامة للكتاب (د ط)، 1996م، ص238، و"في الميزان الجديد"، للدكتور محمد مندور، دار نهضة مصر للطباعة والنشر (د ط، د ت)، ص240.
    [16] "العروض وإيقاع الشعر"، ص125.
    [17] يُنظَر رأيُ فايل بالتفصيل في "دائرة المعارف الإسلامية": مادة Aroud ، الطبعة الجديدة، ص667، 677
    [18] ينظر: "دائرة المعارف الإسلامية"، ص674.
    [19] ينظر: "ديوان عمر بن أبي ربيعة"، تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، دار الأندلس - بيروت، 1983م، ص320.
    [20] يتعدى الفعل "وجد" إلى مفعولين عندما يكون بمعنى علم، نحو: وجدت زيدًا عالمًا، ويكون بمعنى أصاب فيتعدى إلى مفعول واحد، نحو: وجدت الضالة، وقد يكون لازمًا في نحو قولهم: وجدت في الحزن وجدًا، ووجدت في المال وجدًا، ووجدت في الغضب، يُنظَر: "أسرار العربية"، ص150، والأقرب إلى المعنى العام للبيت أن يكون "نجد" لازمًا.
    [21] وليس هناك طريق أدائية ثالثة لنطق الوتد، وتضعيف آخر الكلمة أثر مباشر للنبر.
    [22] هذا الإعراب قائم على توهُّم وجود الفعل في المعاجم.
    [23] "ديوان المتنبي"، تحقيق: دكتور عبدالمنعم خفاجي، وسعيد جودة السحار، وعبدالعزيز شرف، دار مصر للطباعة (د ط، د ت)، ص29.
    [24] "التمهيد في علم التجويد"، لابن الجزري، تحقيق: غانم قدوري الحمد، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط1، 1407هـ - 1986م، ص97.
    [25] "ديوان المتنبي"، ص30.
    [26] ينظر: "الإرشاد الشافي على متن الكافي"، وهو الحاشية الكبرى للعلامة السيد محمد الدمنهوري على متن "الكافي في علمي العروض والقوافي"، لأبي العباس أحمد بن شعيب، ط2، 1377هـ - 1957م، ص105.
    [27] "ديوان المتنبي"، ص30.
    [28] ينظر: "المخصص، لأبي الحسن علي بن إسماعيل النحوي اللغوي الأندلسي المعروف بابن سيده (ت 458هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت (د ط، د ت)، 15/ 116.
    [29] "ديوان المتنبي"، ص48.
    [30] "ديوان المتنبي"، ص50.
    [31] "ديوان العذريين"، شرح دكتور يوسف عيد، دار الجيل – بيروت، ط1، 1413هـ - 1992م، ص51.
    [32] "ديوان العذريين"، ص54.
    [33] "أوضح المسالك"، لابن هشام، دار الجيل – بيروت، ط5، 1979م، 1/ 90.
    [34] "ديوان المتنبي"، ص51.
    [35] "كتاب القوافي"، لسعيد بن مسعدة الأخفش، تحقيق: دكتورة عزة حسن، مديرية إحياء التراث - دمشق، 1970م، ص86.
    [36] البيت من الطويل التام، ينظر: "ديوان العذريين"، ص59.
    [37] البيت من الطويل التام، ينظر: "ديوان العذريين"، ص75.
    [38] ينظر: "الأصول" لابن السراج، تحقيق: دكتور عبدالحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط3، 1988م، 2/ 182، و"الخصائص" لابن جني، تحقيق: محمد علي النجار، عالم الكتب - بيروت، 1/ 275.
    [39] "ديوان العذريين"، ص61.
    [40] وهذا التتابع له صيغة لم تذكر هنا لعدم الإطالة؛ لأنَّ ذكرها يقتضي المقارنة بينها وبين غيرها، وتحديد مواضعها، والباحث ألزم نفسه عدم التطويلِ والتفريعِ في بحثه.
    [41] "في البنية الإيقاعية للشعر العربي"، ص414.


    المصدر

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 7:29 pm